أخبار عاجلة

الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي.. مبادرة جديدة لدعم التحول الرقمي

في وقتٍ يتحوّل فيه الذكاء الاصطناعي إلى محرّك رئيسي للاقتصاد العالمي، وتتسابق الدول لإدماجه في التعليم والإعلام وسوق العمل، تبرز في سوريَة مبادرات تحاول كسر العزلة التقنية الممتدة لسنوات، والانطلاق من واقع شديد التعقيد نحو مستقبل رقمي أكثر انفتاحًا.

ومن ضمن هذه المبادرات، تبرز الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، بوصفها إحدى المبادرات القليلة التي تحاول الانتقال من خطاب التقنية إلى ممارستها، ومن الاهتمام النظري إلى التمكين العملي، في بيئة تعاني فجوة معرفية وتكنولوجية متراكمة.

وبعد نحو ستة أشهر فقط على تأسيسها، بدأت الجمعية تفرض حضورها في المشهد التقني والإعلامي السوري، ليس فقط لكونها أول جمعية مرخّصة في سوريَة تُعنى بالذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال التقنية، بل لطبيعة الرؤية التي تتبناها، القائمة على ربط الذكاء الاصطناعي مباشرة باحتياجات المجتمع وسوق العمل.

أول جمعية من نوعها: دلالة التوقيت

تمثّل الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال أول كيان مرخّص بشكل قانوني في سوريَة يُعنى بنشر ثقافة الاستخدام العملي للذكاء الاصطناعي وتعزيز بيئة ريادة الأعمال التقنية، وهذه الصفة لا تحمل دلالة قانونية فحسب، بل تعكس أيضًا انتقال الذكاء الاصطناعي من الهامش إلى الفضاء المؤسسي المنظّم.

وفي حديثه إلى موقع (البوابة التقنية)، أوضح الأستاذ أحمد المنجد، رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، أن تأسيس هذه المنصة جاء استجابة لحاجة مجتمعية حقيقية، ظهرت بوضوح في الفجوة بين الاهتمام النظري المتزايد بالذكاء الاصطناعي، وبين القدرة الفعلية على استخدام أدواته في الدراسة، والعمل، وسوق العمل، و من ثم فإن هذا الخلل، بحسب توصيفه، لم يكن سببه نقص الرغبة أو الوعي، بل غياب الإطار الذي يترجم المعرفة إلى ممارسة.

الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي

من الفكرة إلى التطبيق.. لماذا الذكاء الاصطناعي ليس ترفًا معرفيًا؟

يرى الأستاذ أحمد المنجد، أن الجمعية تنطلق من مقاربة تُعدّ الذكاء الاصطناعي مهارة أساسية، لا اختصاصًا نخبويًا حكرًا على المهندسين أو الباحثين، وهذه المقاربة تعكس فهمًا عميقًا للتحولات الجارية في سوق العمل العالمي، إذ باتت الأدوات الذكية عنصرًا مساعدًا في مختلف المهن والتخصصات.

ووفق هذا التصور، كما يقول المنجد، لا يُطرح الذكاء الاصطناعي كمجال نظري معقّد، بل كأداة يمكن توظيفها لتحسين الإنتاجية، وتسهيل المهام، وتوفير فرص عمل جديدة، خاصة في بيئات تعاني محدودية في الموارد. ومن هنا، تركّز الجمعية على تحويل الاهتمام العام بالذكاء الاصطناعي إلى مهارات عملية قابلة للاستخدام المباشر.

التدريب العملي مدخل أساسي لبناء المهارات الرقمية:

تعتمد الجمعية في برامجها التدريبية على ورش عمل ودورات عملية مبنية على سيناريوهات واقعية مستمدة من سوق العمل. الهدف الأساسي من هذا النهج هو نقل المتدرّب من مرحلة الفهم النظري إلى مرحلة الاستخدام الفعلي للأدوات الذكية.

ويوضح الأستاذ أحمد المنجد، أن هذا الانتقال يُعدّ جوهريًا في فلسفة الجمعية، إذ يتيح للمتدرّبين استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم الدراسة والبحث، وتطوير مهارات العمل الحر، وتحسين الأداء المهني، وإطلاق أفكار مشاريع ريادية.

وبذلك، لا يُنظر إلى التدريب كغاية بحد ذاته، بل كوسيلة لتمكين الأفراد من أدوات جديدة تعزّز فرصهم في سوق عمل متغيّر.

مناهج عالمية مكيّفة مع الواقع السوري:

تعتمد الجمعية على مناهج عالمية حديثة في مجالي الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، إلا أن هذه المناهج، كما يقول الأستاذ أحمد المنجد، تخضع لعملية إعادة تصميم شاملة لتناسب الواقع السوري، ويشمل ذلك: تبسيط المحتوى، واعتماد اللغة العربية، ومراعاة محدودية الإمكانيات التقنية والبنية التحتية.

كما يؤكد القائمون على الجمعية أن التركيز ينصب على أدوات متاحة ومجانية أو منخفضة التكلفة، بما يضمن عدم تحوّل التدريب إلى تجربة نظرية غير قابلة للتطبيق، وبناء على ذلك فإن هذا التكييف لا يهدف إلى تقليص المعرفة، بل إلى جعلها أكثر قابلية للاستخدام، وأكثر التصاقًا بالواقع اليومي للمتدرّبين.

سوريَة والذكاء الاصطناعي.. بين التأخر الزمني والرأسمال البشري

رغم إدراك الجمعية للفارق الزمني الذي يفصل سوريَة عن دول عربية سبقتها في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذا التأخر لا يُنظر إليه كحكم نهائي، وفي هذا الصدد، يرى الأستاذ أحمد المنجد، أن سوريَة تمتلك مزايا نسبية حقيقية، في مقدمتها رأس المال البشري.

ويتميّز الشباب السوري، وفق هذا التوصيف، بالمرونة، وسرعة التعلّم، والقدرة على التكيّف مع الظروف الصعبة، إضافة إلى الالتزام بالجودة عند توفر التوجيه المناسب، بيد أن تحويل هذه المزايا إلى قوة تنافسية يتطلب تنظيم الجهود ضمن أطر مؤسسية واضحة، وهو ما تسعى الجمعية إلى الإسهام فيه.

الاستدامة في العمل غير الربحي:

كون الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال غير ربحية وتعتمد على العمل التطوعي، يفرض تحديات تتعلق بالاستمرارية، ولمواجهة ذلك، تعمل الجمعية على تطوير مشاريع مستدامة ذات أثر متسلسل، بحيث يساهم نجاح كل مشروع في دعم مشاريع أخرى لاحقة.

ويؤكد الأستاذ أحمد المنجد أن هذا النموذج يقلل من الاعتماد على الجهود الفردية المؤقتة، ويعزّز مفهوم العمل المؤسسي الطويل الأمد، وهو عنصر أساسي في أي مبادرة تسعى إلى إحداث تغيير حقيقي ومستدام.

دعم ريادة الأعمال القائمة على الذكاء الاصطناعي:

وتلعب الجمعية دورًا داعمًا لرواد الأعمال في المجال التقني، من خلال التدريب، والإرشاد، وتقديم الاستشارات التي تساعدهم في بناء مشاريعهم على أسس صحيحة، ويهدف هذا الدعم إلى وضع رواد الأعمال على خارطة الطريق الريادية المناسبة، وتفادي الأخطاء الشائعة في المراحل المبكرة.

وفي هذا الصدد أوضح المنجد للبوابة التقنية، أن خطط الجمعية المستقبلية تشير إلى توسيع هذا الدور ليشمل مبادرات أكثر تنظيمًا لدعم المشاريع الناشئة، بما يسهم في بناء منظومة ريادة أعمال تقنية متكاملة.

إدارة فريق تطوعي بين التحديات والحلول:

إدارة فريق يعمل بدافع الشغف أكثر من الحوافز المادية تمثل أحد أكبر التحديات لتحقيق أهداف الجمعية، إذ يتمثل التحدي الأساسي في الحفاظ على الاستمرارية والتنظيم، خاصة مع تفاوت الوقت والالتزامات الشخصية للأعضاء.

وفي هذا السياق، يؤكد الأستاذ المنجد، أن الجمعية تعالج هذا التحدي من خلال بناء ثقافة عمل قائمة على رؤية مشتركة، وتحديد أدوار ومسؤوليات دقيقة، ومنح المتطوعين مساحة حقيقية للتأثير واتخاذ القرار، كما يتم التركيز على التحفيز المعنوي وبناء مسارات تطور شخصية ومهنية داخل الجمعية، بحيث يشعر كل عضو بأن مساهمته ذات أثر حقيقي.

فرص الاستثمار في سوق ذكاء اصطناعي ناشئة:

يشدد رئيس إدارة مجلس الجمعية على أن السوق السورية لا تزال ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يوفر فرصًا واسعة لإطلاق مشاريع جديدة، خاصة المشاريع الشبابية المبتكر، لافتًا إلى أن غياب التشبّع يتيح الاستثمار في مجالات متعددة، مثل:

  • حلول الأتمتة والخدمات الذكية.
  • التعليم الرقمي المتخصص.
  • منصات ريادة الأعمال التقنية.

وهذه الفرص، حتى في ظل التحديات، تشكّل أرضية خصبة للمبادرات الجديدة، حسب كلام الأستاذ أحمد المنجد.

قياس الأثر وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي:

تحرص الجمعية على قياس الأثر الحقيقي لأنشطتها عبر مؤشرات واضحة، تشمل عدد المتدرّبين الذين طوّروا مهاراتهم أو مشاريعهم باستخدام الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استمارات تقييم تُوزّع بعد كل تدريب، ومتابعة تطور وعي المشاركين قبل وبعد البرامج.

وأكد المنجد أن جميع التدريبات تبدأ بمحور أساسي حول أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، لضمان الاستخدام المسؤول والمهني لهذه التقنيات، وترسيخ وعي أخلاقي يواكب التطور التقني.

الإعلام والتعليم.. ركيزتان لنشر الثقافة الرقمية:

تعمل الجمعية على التعاون مع المؤسسات التعليمية لنشر برامجها التدريبية وتحقيق أكبر فائدة ممكنة للطلاب، وبالتوازي، تسعى إلى التعاون مع المؤسسات الإعلامية لتقديم محتوى مبسّط يرفع الوعي المجتمعي ويقرّب مفاهيم الذكاء الاصطناعي من عامة الناس.

ووفق تصريحات رئيس مجلس إدارة الجمعية للبوابة التقنية، فإن هذا التكامل بين التعليم والإعلام يُعد عنصرًا أساسيًا في بناء ثقافة رقمية مستدامة.

رؤية الخمس سنوات.. نحو مرجعية وطنية للذكاء الاصطناعي:

بعد خمس سنوات، تطمح الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال إلى أن تكون المرجع الوطني الأول في مجال الذكاء الاصطناعي واستخداماته، وأن تشكّل حاضنة وطنية للأفكار والمبادرات التقنية.

وتشمل مؤشرات قياس الأثر حجم المشاركة المجتمعية، وعدد المبادرات والمشاريع التي انطلقت بدعم من الجمعية، إضافة إلى نتائج الاستبيانات والتقييمات الدورية.

وختامًا، فإن تجربة الجمعية السورية للذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال ما زالت في بداياتها، لكنها تحمل ملامح مشروع مؤسسي جاد، يحاول أن يؤسس لثقافة تقنية عملية، ويعيد ربط سوريَة بمسار التحول الرقمي العالمي، انطلاقًا من الإنسان، لا من التكنولوجيا وحدها.

وفي زمن تتسع فيه الفجوة الرقمية، تبدو مثل هذه المبادرات أكثر من مجرد نشاط مدني؛ إنها محاولة لإعادة تعريف المستقبل.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الولايات المتحدة تحظر استيراد الطائرات المسيّرة.. و DJI الصينية أبرز المتأثرين
التالى أبرز المزايا القادمة في هواتف آيفون 18 برو في 2026