موقع دعم الإخباري

اجتماع باريس: محاولة لإطفاء النار ومنع الحرب

كتب أندريه مهاوج في “نداء الوطن”:

تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة اجتماع دولي رفيع المستوى لمواجهة التصعيد المستمر والتوترات المتجددة في لبنان، ولا سيما في جنوب البلاد، ولاحتواء توسع دائرة التوتر في حال عدم التوصل إلى ترتيبات تنزع مبررات التصعيد. الهدف المعلن هو إعطاء زخم للمسار الدبلوماسي الدولي، لمساعدة السلطات اللبنانية على تنفيذ قراراتها بشأن حصر السلاح بيدها، وهي قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية، وتلتقي مع مطلب دولي حازم يعتبر أن سحب السلاح من يد “حزب الله” وكل التنظيمات المسلحة من دون تمييز بين منطقة واخرى، وإجراء إصلاحات شاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس سليمة تحترم المعايير الدولية، هي خطوات تندرج في إطار وقف التصعيد ودعم استقرار المؤسسات اللبنانية الأساسية وصولًا إلى المرحلة النهائية المتمثلة بتقديم الدعم للبنان في مجالات الاستثمار وإعادة البناء والنهوض بالاقتصاد بحسب مصادر دبلوماسية.

ومن المتوقع وصول قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل إلى باريس يوم غد، ليشارك في اجتماع الخميس، ممثلًا المؤسسة العسكرية اللبنانية، التي يعتبرها المجتمع الدولي ركيزة للأمن والاستقرار، خصوصًا مع استمرار سعي تنظيمات مسلحة كانت لها الغلبة في العقدين الماضيين في اتخاذ القرارات المنفردة خارج إطار مؤسسات الدولة الأمر الذي أسهم في انهيار هذه المؤسسات وأوصل البلاد إلى ما هي عليه وفقا لدبلوماسي تشارك بلاده في اجتماع باريس في 18 الحالي.

وستشارك في الاجتماع المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي تقوم بلادها بدور محوري في ضبط المسارات الدبلوماسية في المرحلة الراهنة.

ومن المتوقع أيضًا حضور مسؤول سعودي ضمن الوفود المشاركة، وهو مؤشر على الدور الدبلوماسي النشط الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع فرنسا في تنظيم مؤتمر دعم الجيش اللبناني، وبالتوازي مع الجهود الفرنسية – الأميركية لتحقيق التهدئة العسكرية.

فرنسا التي تستضيف الاجتماع لم تنشر بعد اللائحة الرسمية والنهائية باسماء المشاركين، في حين ترددت معلومات لم تؤكد رسميا احتمال انضمام مسؤل مصري إلى الاجتماع نظرًا لمساعي الوساطة التي تقوم بها القاهرة لتفكيك بؤر التصعيد الأمني في لبنان

ومن المقرر أن يعقد اجتماع باريس عشية جلسة اللجنة الدولية المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار في لبنان، والتي تضم مندوبين عن لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة.

يأتي هذا الاجتماع كجزء من “الميكانيزم” الذي يضم فرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة ولبنان وإسرائيل لمتابعة وقف إلاعمال العدائية الموقع في 28 تشرين الثاني الماضي وبهدف تجنب تجدد الحرب بين “حزب الله” من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. لذلك فاإن اللقاء في باريس لن يكون مجرد “جلسة بروتوكول”، بل محاولة ضغط دبلوماسي لأهداف محددة يمكن تلخيصها في البنود التالية:

تسريع تنفيذ نزع السلاح

أبرز هدف لهذا الاجتماع هو العمل مع لبنان من أجل الإسراع في تنفيذ خطة نزع سلاح “حزب الله” بموجب قرارات الحكومة والقرار 1701 والمطالبات الدولية حول هذا الملف. وبحسب وزارة الخارجية الفرنسية، فإن الاجتماع سيسلط الضوء على أهمية الجيش اللبناني كقوة شرعية معترف بها دوليًا يمكن أن تكون حاسمة في حفظ الأمن الداخلي وتأمين الحدود، خصوصًا في الجنوب، وإنهاء أي دور أمني أو عسكري لتنظيمات غير نظامية كما تعتبرها الدبلوماسية الفرنسية.

وأوضحت الخارجية الفرنسية في هذا الإطار، أنه مثل المؤتمرات السابقة في باريس، هناك تركيز على دعم المؤسسات اللبنانية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية من خلال جذب التزامات دولية، ومناقشة حلول سياسية لإنهاض الدولة اللبنانية وسط أزماتها المتعددة.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا الاجتماع إلى التشديد على ضرورة أن يسرّع لبنان خطوات تنفيذ إصلاحات محددة، وإلى تكثيف الدعم للجيش اللبناني والمؤسسات المدنية كجزء من خطة أوسع لدعم الاستقرار. ومن المحتمل أن يترافق ذلك، مع إعلان المشاركين مواقف مشتركة تندرج في إطار التهدئة وتطبيق القرارات الدولية، لكنه ليس إجراءً كافيًا في حد ذاته لعقد مؤتمرات الدعم الموعودة ماليًا واقتصاديًا ولوقف التصعيد العسكري على الأرض، وسط مخاوف لا تزال قائمة من احتمال إقدام اسرائيل على توسيع بنك أهدافها والمناطق الجغرافية التي قد تستهدفها خارج إطار الجنوب.

تتعاطى باريس مع هذه الهواجس بجدية، وقد عاد بها الموفد الرئاسي جان إيف لودريان من زيارته الأخيرة لبنان، وحملت فرنسا على تفعيل حراكها الدبلوماسي في موازاة الزيارة المنتظرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة ولقائه في نهاية هذا الشهر رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب. لذلك، يمثل اجتماع باريس رهانًا حاسمًا يستطيع الرئيس الأميركي أن يوظفه لتبريد الجبهة اللبنانية خلال لقائه المرتقب بنتنياهو. هذا الأمر، يتطلب من اجتماع باريس الخروج بالتزامات تنفيذ مقررات الحكومة اللبنانية لحصر السلاح غير الشرعي من دون إطالة المهل، أو الدخول في تفاهمات لبنانية لبنانية لا تندرج في سياق القرار الدولي الذي أفرزته عملية طوفان الأقصى بإنهاء كل بؤر التوتر في الإقليم وإنهاء كل حالات إذكاء هذا التوتر السياسي والأمني الذي مثلته سياسة مد النفوذ الإيراني.

أخبار متعلقة :