أخبار عاجلة
مقتل شخص وفقد 2 في جنوب إسبانيا جراء سيول -
من خلال هذه الاطعمة.. كيف تقوي مناعتك في البرد؟ -
انخفاض أسعار الذهب -
قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مناطق في غزة -
إنفلونزا H3N2 نحو الذروة … والأولوية للتلقيح -
السعودية تواجه الفوضى الإقليمية بمنطق الدولة -
حريق في دار مسنين بإندونيسيا -

السعودية تواجه الفوضى الإقليمية بمنطق الدولة

السعودية تواجه الفوضى الإقليمية بمنطق الدولة
السعودية تواجه الفوضى الإقليمية بمنطق الدولة

كتب طارق أبو زينب في “نداء الوطن”:

في لحظة إقليمية تتشابك فيها الأزمات وتعاد فيها هندسة موازين النفوذ، عقد مجلس الوزراء السعودي الأسبوع الماضي اجتماعه الأخير لعام 2025 برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز وبحضور رئيس مجلس الوزراء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. جاء الاجتماع في مشهد سياسي يتجاوز الإطار الحكومي التقليدي ليكرّس موقع المملكة كقوة استقرار وصانع توازن في محيط مضطرب. لم يكن الاجتماع إجراءً بروتوكوليًا، بل منصة لإطلاق رسائل سياسية وأمنية واقتصادية واضحة، تعكس ثبات القرار السعودي واستشرافه لمسارات المرحلة المقبلة.

وفي مستهل الجلسة، اطلع مجلس الوزراء على مضامين المباحثات والاتصالات التي جرت أخيرًا بين الأمير محمد بن سلمان وعدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة، لتوسيع أطر التعاون المتبادل بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز التنسيق تجاه القضايا والتحديات العالمية.

أكد مجلس الوزراء أن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية تنطلق من أولوية حاسمة تتمثل في ترسيخ الأمن الإقليمي، ومعالجة النزاعات عبر الوسائل السلمية، إلى جانب تكريس الدور الإنساني وتقديم المساعدات وحل النزاعات سلميًا، وتعزيز الحوار بين الثقافات ودعم المنظمات الدولية، إلى جانب توفير الظروف الداعمة للتنمية في الشرق الأوسط والعالم. ويعكس هذا التوجه قناعة راسخة لدى الرياض بأن الاستقرار ليس شعارًا سياسيًا، بل هو شرط بنيوي لأي نمو سياسي أو اقتصادي مستدام.

وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى “نداء الوطن”، تأتي الدعوة السعودية إلى الأمن والأمان في الشرق الأوسط في لحظة إقليمية شديدة التعقيد، تتقاطع فيها المواجهات العسكرية مع الانهيارات الاقتصادية والانقسامات السياسية الحادة، وتشكل تحوّلًا استراتيجيًا في أداء المملكة الإقليمي يخرج عن القوالب الدبلوماسية التقليدية.

تتحرّك المملكة على قاعدة كبح منطق المواجهة المفتوحة والدفع في اتجاه تسويات واقعية تخفف كلفة النزاعات المزمنة، سواء في غزة أو اليمن أو السودان أو غيرها من ساحات التوتر. وتنطلق هذه المقاربة من قناعة راسخة بأن إطالة أمد الحروب لا تستنزف الدول والمجتمعات فحسب، بل تضعف بنية الدولة الوطنية، وتفتح ثغرات أمنية خطرة تستغلّها التنظيمات المتطرفة، بما يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمنين الإقليمي والدولي.

تدرك الرياض أن أمن الخليج والشرق الأوسط يشكّل منظومة مترابطة لا تحتمل التجزئة، وأن أي تهديد للملاحة البحرية، أو استهداف منشآت الطاقة، أو تمدّد للميليشيات العابرة للحدود، يمثل خطرًا مباشرًا على الاستقرار الإقليمي والعالمي. ومن هذا المنطلق، تأتي الدعوة السعودية الواضحة إلى احترام سيادة الدول، وحصر السلاح بيد الدولة الشرعية، ووقف التدخلات الخارجية التي تغذي الفوضى وتبقي المنطقة أسيرة صراعات الوكالة.

على صعيد العلاقات مع لبنان، تتبنى المملكة مبدأ “الدولة مع الدولة”، بعيدًا من أي ضغوط شعبوية أو مناخات سياسية مضطربة. وتعكس هذه السياسة التزام الرياض بالنهج المؤسسي والدبلوماسي، بما يضمن استمرار الحوار البناء، وتعزيز الاستقرار، وصيانة المصالح المشتركة، مع تثبيت مكانة لبنان في المنطقة ضمن الإطار الرسمي للسياسات الدولية، بعيدًا من أي تدخلات خارجية أو ممارسات تخلّ بتوازنات الأمن الإقليمي.

اقتصاديًا، يرتبط خطاب الأمن والأمان ارتباطًا وثيقًا برؤية السعودية التنموية، حيث يُنظر إلى الاستثمار وإعادة الإعمار وجذب رؤوس الأموال، كأهداف لا تتحقق في بيئة مضطربة. الاستقرار ليس خيارًا سياسيًا، بل ضرورة اقتصادية تمس مصالح شعوب المنطقة، خصوصًا في ظل الأزمات المالية والمعيشية التي تضرب عددًا من الدول العربية.

 

وفي ما يتعلّق بدورها الدولي، تحافظ المملكة على تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة لضمان التوازن الأمني والاستراتيجي في المنطقة، مع تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والدفاع ومكافحة الإرهاب. وفي الوقت نفسه، تطوّر الرياض شراكاتها مع الصين وروسيا على قاعدة المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، بما يعكس قدرتها على إدارة علاقاتها ضمن منظور متعدّد الأقطاب، من دون الانخراط في صراعات تصادمية. ويترجم التعاون مع الصين إلى شراكة شاملة سياسية واستثمارية واستراتيجية تتقاطع فيها “رؤية 2030” مع مبادرة “الحزام والطريق”، فيما يشكل التنسيق مع روسيا ضمن “أوبك +” ركيزة لضبط أسواق الطاقة وتعزيز مصالح الطرفين.

وعلى الصعيد الإقليمي، تؤكد المملكة موقفها الحازم تجاه القوى المؤثرة، حيث تسعى إلى ضبط النفوذ والتدخلات التي تهدّد الأمن الإقليمي، مع إبقاء باب الحوار مفتوحًا لتفادي التصعيد، سواء تجاه إيران أو الأطراف الأخرى. وفي إطار التزام المملكة بالاستقرار والعدالة، قادت السعودية بالتنسيق مع فرنسا جهودًا دبلوماسية لحشد دعم دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع التأكيد على حل الدولتين كخيار سياسي عادل وشامل، ما يعكس حرص الرياض على تعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية المصالح الوطنية والعربية.

 

تشكل الدعوة السعودية إلى الأمن والأمان محاولة جدية لإعادة صياغة المشهد الإقليمي على قاعدة الاستقرار وسيادة الدول والتنمية المستدامة، في مواجهة مشاريع الفوضى والهيمنة. وهي مقاربة، إن نجحت، قد تفتح الباب أمام شرق أوسط أقل عنفًا وأكثر قابلية للحياة، وتعزز موقع المملكة كركيزة أساسية في النظام الدولي متعدّد الأقطاب، وتؤكد مرّة أخرى أن الرياض ليست مجرّد لاعب إقليمي، بل قوة فاعلة تصنع التوازن وتقدّم نموذجًا لمواجهة التحديات بالحلول الاستراتيجية والسياسة الرشيدة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حادثة مزدوجة تهّز إسرائيل.. ومقتل مستوطنين
التالى ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع كانون الثاني