ألقى المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، حيث قدّم مقاربة دينية-سياسية شدّد فيها على مركزية الإنسان وقيمته بوصفه جوهر أي نظام ودولة.
وأكد قبلان أن “الدين لا ينافس الدولة، بل يمنعها من الظلم والفساد والطغيان”، معتبراً أن أي نظام يقدّس هياكله على حساب الإنسان هو نظام فاقد للبعد الإنساني. ولفت إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن في تغييب القيم الأخلاقية لصالح الأنا والصراعات والانقسامات العمودية والطائفية، مشدداً على أن “لا مقدّس في هذا البلد أكبر من الإنسان”، فيما السلطة والنظامان المالي والسياسي والدعائي يضيّقون على الإنسان ويهدرون كرامته. وأضاف أن الاحتفال بولادة أي نبي هو احتفال بالحقيقة السماوية وبمسار إنقاذ الإنسان وكرامته، وهو ما تلاقت عنده رسالة السيد المسيح مع أعظم دعوات النبي محمد(ص).
وفي الشأن الوطني، شدّد قبلان على “ضرورة تأكيد التضامن اللبناني الكامل على مستوى القرار السياسي”، ولا سيما تجاه الجنوب والبقاع والضاحية، رافضاً أي تشكيك بعناصر القوة الوطنية.
وذكّر بالتضحيات التي أدّت إلى دحر إسرائيل في العام 2000، ثم صمود 2006، وصولاً إلى المواجهات الأخيرة، معتبراً أن الدولة “غائبة عن عالم التضحيات الحدودية”، وأن استمرار هذا الغياب يُفقدها قيمتها ووظيفتها، مضيفاً أن الدولة التي تتبرأ من شعبها وأرضها “تلغي نفسها”.
ووجّه خطابه “لمن يهمه الأمر” بالقول إن لبنان “ليس بورصة ولا ساحة ولا وظيفة خارجية”، مؤكداً أن البلد لن يكون فريسة لأي مشروع خارجي، وأن ثمن حمايته مفتوح. ورأى أن الجيش اللبناني والمقاومة يشكّلان ضمانة الوجود والمنعة والثبات.
وفي ختام العام، توجّه بالشكر إلى المقاومة والجيش والشعب على ما قدّموه من تضحيات على الجبهات السيادية، مجدداً العهد على الثبات والبقاء والتضحية. كما أكد أن ما يريده للبنان “حكومة وطنية بحجم مصالحه وأهله، لا حكومة لوائح دولية”، محذّراً من أن الانبطاح السياسي يهدد مصالح البلاد.
وشدّد على أن قيمة الحكومة تُقاس بمسؤولياتها في الإغاثة والإعمار وحماية السيادة، وبقدرتها على تحويل المواقف إلى سياسات سيادية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
وختم بالتأكيد أن وحدة القرار السيادي شرط لمنع أي عدوان، وأن السيادة لا تتجزأ، فلبنان واحد بكل مناطقه، والدفاع عن أي منطقة هو دفاع عن الوطن كله. ودعا إلى تغيير الفكر والرؤية والاستراتيجية السياسية باتجاه مشروع وطني جامع، معتبراً أن موعد الانتخابات ضرورة وطنية لأي تغيير سياسي، وأن الإصلاح الحقيقي لا يتحقق في ظل فساد وهياكل متداعية، بل عبر حراك سياسي واسع وطواقم سيادية قادرة على إنتاج مشاريع إصلاحية تليق بالمشروع الوطني والعائلة اللبنانية.




