أثنى رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، على المواقف التي أطلقها رئيس الجمهوريّة العماد جوزيف عون خلال زيارته بكركي، وقال: “أمس كان فخامة رئيس الجمهورية في بكركي، وقال إنّه مصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها، وهذا جيّد جدًا، وهو موقف يكرّره رئيس الجمهورية دائمًا. أمّا في ما يتعلّق بقانون الانتخاب، فقال إنّ على المجلس النيابي تحمّل مسؤوليّته وإجراء التعديلات اللازمة لكي تصبح الانتخابات ممكنة، وكذلك في هذه النقطة أيضاً، فخامة الرئيس “معه حق” مئة في المئة”.
وتوجّه إلى الرئيس عون بالقول: “يا فخامة الرئيس، الرئيس نبيه بري لا يفتح جلسة، ولا يسمح بأن تُناقَش التعديلات المطروحة على قانون الانتخاب كي تُجرى الانتخابات. وأنا أعتبر، يا فخامة الرئيس، أنّ ما فعلته أمس هو الخطوة الأولى، وهي أنّك وجّهت رسالة شفهيّة إلى الرئيس بري”. وتابع: “الرئيس بري، يا فخامة الرئيس، يعرقل مناقشة التعديلات المطلوبة على قانون الانتخاب. طيّب، ماذا نفعل؟ أمس، يعطيك العافية يا فخامة الرئيس، وجّهت له رسالة شفهيّة. الآن، خلال يومين أو ثلاثة أو أربعة أو أسبوع، لأنّ المهل قاربت أن تنتهي، إن لم تكن قد بدأت تنتهي، إذا لم يفهم الرئيس بري رسالتك الشفهيّة، فلن ينقذ الوضع إلا أن توجّه رسالة خطيّة، وخطيّة لسبب أساسي وهو أنّها ملزِمة”.
وشدد على أنه “متأكد أنّ الرئيس بري سيتظاهر الآن بأنّه لا يسمع (رح يدير دينة الطرشة)، وسيعتبر أنّه لم يسمع ما قاله فخامة رئيس الجمهورية، في أنّ المسؤولية باتت على المجلس النيابي كي يناقش التعديلات المطلوبة على قانون الانتخاب. وبالتالي، إذا تظاهر بأنّه لم يسمع، فعندها تصبح مسؤولية دستورية عليك يا فخامة الرئيس أن توجّه إليه رسالة خطيّة لأنها ملزمة. فوفقًا للدستور، أي رسالة تُوجَّه من رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي، يجب على النواب خلال ثلاثة أيام أن يعقدوا جلسة لبحث هذه الرسالة، وبالتالي لن يعود في إمكانهم التهرّب من مسؤوليتهم”.
وكرّر التأكيد أنه “لم يعد يمكن لأحد أن ينقذ الاستحقاق الدستوري إلا رسالة خطيّة منك، يا فخامة الرئيس، إلا إذا شاء الله أن يُلهم الرئيس بري في هذين اليومين المتبقّيين من هذه السنة، فعاد وعقد جلسة وطرح فيها، إمّا اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدَّم منذ ثمانية أشهر في هذا الشأن، أو مشروع القانون الذي أرسلته الحكومة أيضًا في هذا الشأن”.
كلام جعجع جاء خلال عشاء منطقة عاليه، الذي أقيم في المقر العام للحزب في معراب، في حضور: النائب نزيه متى، الأمين العام اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون الإدار رفيق شاهين، عدد من رؤساء بلديات القضاء والمخاتير، رئيس مجلس أمناء مجلة المسيرة زياد الأصفر، رئيس مجلس أمناء مركز الأرز الطبي أسعد حداد، مؤسس “دار الحوار” الباحث السياسي بشارة خيرالله، عدد من أعضاء المجلس المركزي في حزب “القوّات”، عدد من رجال الأعمال، والفاعليات الإجتماعيّة والمدنيّة والإعلاميّة.
ولفت جعجع إلى “انني بصراحة، لا أعرف ماذا يفعل حزب الله حتى الآن، وأتكلّم بجدّ، لا أعرف. قد يخطئ المرء في حساباته مرّة واحدة وبهذا الحجم الصغير، لكن ليس عشرين مرّة، وفي كلّ مرّة بهذا الحجم الكبير. إلى أي قدر يجب أن ينهار البلد أكثر من الإنهيار الذي وصل إليه، لكي يعودوا وينظروا بدقّة إلى ما يحصل، ويتّخذوا مواقف انطلاقًا منه”. وقال: “الأغرب في الأمر أنّ بعض المسؤولين في حزب الله يخرجون ليقولوا: لا تجرّدوا لبنان من عوامل قوّته، أي من سلاحهم. عن أيّ عامل قوّة يتحدّثون؟ إنّ أكبر عامل ضعف موجود اليوم في لبنان هو سلاح حزب الله. عامل الضعف الذي جعلنا أوّلًا فريسة أمام إسرائيل، وفي الوقت نفسه أبعد عنّا جميع أصدقائنا في الشرق والغرب. لا أحد مستعدّ لأن يقترب منّا في ظلّ وجود هذا السلاح، وهم يقولون ذلك علنًا. فهل يكون هذا عامل قوّة؟”.
وأوضح أن “الكلام يُقال علنًا من قبل الأوروبيين والأميركيين من جهة، ومن قبل دول الخليج والعرب من جهة أخرى، وقد أُبلِغ به جميع المسؤولين، ويصدر يوميًا عبر تصريحات واضحة، مفادها أنّه طالما لا توجد دولة فعليّة في لبنان، والتي لا يمكن أن تقوم بوجود سلاح خارج إطار الدولة، فإنّه يستحيل عليهم أن يساعدوا لبنان. ونحن نرى ذلك على أرض الواقع، باعتبار أنه كان من المفترض أن تبدأ عملية إعادة الإعمار وإعادة بناء الاقتصاد اللبناني منذ نحو عشرة أشهر، لكن حتى الآن لم يبدأ شيء، باستثناء بعض المبادرات الشكلية التي أُنجزت لإنقاذ ماء الوجه فحسب، فيما الواقع أنّه لم يُنجَز شيء فعلي. ثم نعود ونسمع من يقول: لا تجرّدوا لبنان من عوامل قوّته. إذا كان هذا هو عامل القوّة، فبرأيي لِمَ لا نرسله إلى إسرائيل لكي تنهار إسرائيل عندها، عوض أن يبقى عندنا؟ لأنّه إذا كان هذا عامل قوّة، فقد أدّى إلى انهيار لبنان. وبالتالي، فإنّ أفضل طريقة، برأيي، لكي يستقيم الوضع مع إسرائيل، هي أن نرسل لهم حزب الله وسلاحه، فتنهار إسرائيل في اليوم التالي، فقط من جرّاء وجوده هناك، تماما كما أنّ وجوده هنا أدّى تباعًا إلى انهيار لبنان”.
كما شدد على انه “لم يعد في إمكان المسؤولين أن يغضّوا النظر عن هذا الموضوع، لأنّه إذا لم يُعالَج هذا الملف، فلن ينطلق أيّ شيء آخر، وسنبقى معلّقين بين السماء والأرض، كما نحن عليه في الوقت الحاضر”. وقال: “أمّا نحن وأنتم، كقوات لبنانية، فقد أدّينا قسطنا للعلى في هذا الخصوص منذ خمس عشرة سنة أو عشرين سنة. وإذا كانت القوات اللبنانية قد حُلّت في ذلك الوقت، ولم يُحلّ الحزب من دون سبب، وإنّما حُلّ لأنّه رأى أن السلاح نُزع في حينه من كل لبنان وأبقي مع “حزب الله”، عندها رفعنا الصوت كثيرًا، ولم تُعجبهم هذه المسألة، ولذلك قرّروا حلّ القوات، وهذه تهريبة صحيحة وسرقة صحيحة كانوا يقومون بها. وبالتالي، نحن منذ ثلاثين أو خمس وثلاثين سنة نقوم بواجباتنا في هذا الشأن، وسنستمرّ في القيام بواجباتنا. لكن المطلوب اليوم من السلطة القائمة هو أن تُكمل هي بدورها، وأن تقوم بالواجب المطلوب منها، لكي يتمكّن لبنان من الانطلاق”.
وتطرّق في كلمته إلى موضوع قانون الانتظام المالي والفجوة المالية، وقال: “هناك من جديد من يخطئ دائمًا في توصيف العنوان، فيقول إنّ القوات، لأسباب شعبوية وخشيةً من خسارة شعبيتها، صوّتت ضد هذا القانون. هذا كلام خاطئ، خاطئ تمامًا، وخاطئ بألف شكل. وأودّ أن أقول ملاحظة صغيرة بين قوسين: أفضل قانون انتخابي للقوات في الوقت الحاضر هو القانون الأكثري، لأنّنا في معظم المناطق نحصد جميع المقاعد. ومع ذلك، لم نطالب يومًا بالذهاب إلى قانون انتخابي أكثري لأنّه يناسبنا أكثر أو أقل، بل انطلاقًا من قناعاتنا التي تعتبر أنّ القانون النسبي الحالي هو القانون الذي يؤمّن أعلى نسبة تمثيل، ولذلك نحن معه ونؤيّده. أمّا بالنسبة إلى قانون الانتظام المالي، فنحن ضده لسبب بسيط جدًا، وأحبّ أن أطرح الأمور ببساطتها. هذا القانون لا يعيد الودائع إلى المودعين، ولا يحدد المسؤوليات والموجودات”.
وتابع جعجع: “قيل إنّ من يملك وديعة بقيمة مئة ألف دولار أو أقل ستُعاد له وديعته خلال أربع سنوات، موزّعة بين مصرف لبنان والمصارف، من دون تحديد ما تملكه المصارف فعليًا، ولا ما يملكه المصرف المركزي. فهل يُعقل أن يوافق أحد على قانون فجوة مالية لا يتضمّن رقمًا واحدًا؟ لا أرقام تحدّد حجم الفجوة ولا كيفية معالجتها، وكأنّ الأمور متروكة للقدر، وكأنّ أحدًا قرّر أن يرفع هذا العبء عن كاهله، فيضعه على ورقة ويرميها على مجلس النواب ليتصرّف بها”.
ولفت إلى أنهم “يقولون إنّ الودائع التي تقلّ عن مئة ألف دولار تشكّل خمسةً وثمانين في المئة من مجموع الودائع، وحتى هذه الودائع لا نعرف بدقّة من أين ستُعاد، وقد وُضعت في القانون على أساس افتراضي. فهل يُعقل أن يكون قانون فجوة مالية وقانون انتظام مالي من دون أرقام، وكلّه مبنيّ على افتراضات وتنظير؟ لا يمكن لأربعة أو خمسة أشخاص أن يجلسوا في غرفة ويقوموا بتمرين ذهني يخرجون منه بقانون فجوة مالية، فهذا النوع من القوانين يحتاج إلى أرقام دقيقة وواضحة، في حين أنّ القانون المطروح يخلو منها تمامًا”.
واعتبر أن “الأهم من ذلك أنّه، وإن كان خمسة وثمانون في المئة من المودعين يملكون ودائع تقلّ عن مئة ألف دولار، فإنّ الودائع الأكبر هي التي تحرّك الاقتصاد. وحتى لو افترضنا جدلًا أنّ هذا القانون سيعيد ودائع من يملكون أقلّ من مئة ألف دولار، يبقى الأهم هو تحريك الاقتصاد، لأنّ الناس بحاجة إلى فرص عمل. فهذه الأموال ستُدفع على مدى أربع سنوات، بمبالغ شهرية محدودة، بالكاد تكفي للاستهلاك، ولا تحرّك الاقتصاد ولا تخلق فرص عمل. وحتى لو حصل المودع على مئة ألف دولار، فماذا يفعل في اليوم التالي إذا لم يكن هناك اقتصاد يعمل ولا فرص متاحة؟ هنا تكمن الثغرة الأساسية في المشروع، إذ إنّه لا يحرّك الاقتصاد. وتحريك الاقتصاد يتطلّب حلًّا صحيحًا وعادلًا للودائع التي تتراوح بين مئة ألف دولار وخمسة ملايين”.
ولفت إلى أن “لوثة” ما زالت تلاحقنا، إذ لا يزال بعض الناس لم يفطنوا بعد إلى أن الإتحاد السوفياتي قد انهار، وهذه اللوثة تتمثل بشعار “فليسقط حيتان المال”. فالحقيقة أن ليس كل من يملك مالًا هو “حوت مال”. صحيح أنّ هناك من هم كذلك، لكن هناك أيضًا من يشكّلون محرّكاً للمجتمع. فلا يوجد مجتمع متقدّم ومزدهر إلا وفيه أصحاب رؤوس أموال، لأنّ النظام الاقتصادي إمّا أن يكون رأسماليًا، أو أن يكون على نمط أنظمة أخرى على غرار كوريا الشمالية. نظامنا نظام ليبرالي حر، أي إنّ الناس تستثمر رؤوس أموالها، تعمل وتوظّف غيرها. من دون ذلك، لا اقتصاد ولا عملة في أيدي الناس، فيعمّ الفقر. الفقير يجب أن نعمل ليخرج من فقره، لا أن نعتبر كل من يملك مالًا عدوًا يجب القضاء عليه”.
ورأى جعجع أنه “بالعودة إلى مسألة الودائع، فحتى لو سلّمنا جدلًا، مع أنّنا لا نسلّم بذلك، بإعادة الودائع التي تقلّ عن مئة ألف دولار، ماذا عن الودائع التي تتراوح بين مئة ألف وخمسة أو عشرة ملايين دولار، وهي التي تحرّك الاقتصاد؟ من يريد فتح مطعم أو مشروع أو متجر، يحتاج إلى رأس مال يتجاوز مئتي أو ثلاثمئة ألف دولار. فماذا نفعل بهذه الفئة؟ يُقال إنّهم سيحصلون على سندات مالية من مصرف لبنان، لكن كيف سيقبضونها؟ لا أحد يعرف بدقّة ما يملكه مصرف لبنان من أصول، سوى إعادة التأكيد على أنّ الذهب غير قابل للمسّ. فمن أين سيؤمَّن تسديد هذه السندات؟”.
وأوضح أن “الثغرة الأكبر تكمن في عدم مقاربة أسباب الأزمة لمعرفة كيفية الخروج منها. فالأزمة ليست أزمة مصرف عادية ناتجة عن سوء إدارة مصرف أو اثنين، بل هي أزمة مختلفة تمامًا. سببها الحكومات المتعاقبة، ولا سيّما بين عامي 2011 و2019، التي استدانت أموالًا طائلة من المصرف المركزي خلافًا للقانون. والمصرف المركزي، بدل أن يرفض في حينه، لجأ إلى أموال المودعين عبر الاحتياطي الإلزامي وشهادات الإيداع، وأجبر بعض المصارف على ذلك بصفته السلطة العليا عليها. وهكذا استُخدمت أموال الناس لتمويل الدولة، وصولًا إلى الانهيار. ولا يعني هذا إعفاء بعض المصارف أو بعض المساهمين من المسؤولية، فهناك من شارك في الهندسات المالية، وهناك بعض المساهمين في المصارف الذين هرّبوا أموالهم وتركوا المركب يغرق بالمودعين الذين كانوا قد وضعوا ثقتهم بهم لحماية ودائعهم، وهذه مسؤوليّة أخلاقيّة كبرى. لكن هذه المسؤوليات كلها لا تشكّل سوى نسبة محدودة من أصل المشكلة، في حين تُترك النسبة الأكبر من دون محاسبة”. وقال: “كما أنّ مسؤولية المصرف المركزي لا تقع على شخص واحد فقط، وهو رياض سلامة. صحيح إنه مسؤول ولكن المسؤوليّة تشمل أيضاً المجلس المركزي ومفوّض الحكومة لدى المصرف ووزراء المال المتعاقبين، الذين كان يفترض أن يراقبوا ويوقفوا أيّ تجاوز. إن تجاهل كلّ ذلك، والاكتفاء بالقول بإعادة الودائع التي تقلّ عن مئة ألف دولار، لا يشكّل حلًّا”.
وأردف: “من هذا المنطلق، وبناء على ملاحظات كثيرة أخرى، قدّم الوزراء الذين يمثّلون القوات مذكرة خطيّة في هذا الشأن، ونحن كنا وما زلنا وسنكون في المجلس النيابي ضد هذا القانون بما يحمله من ثغرات، ولا سيّما الثغرة الأساسية المتمثّلة بعدم تحديد المسؤوليات وعدم محاسبة أحد، فيما المطلوب أوّلًا تحديد من يتحمّل المسؤولية، ومن أين ستُؤمَّن الأموال لإعادة الودائع”.
وكان جعجع قد استهل كلمته بالقول: “هذا ليس عشاءً جديدًا، فجميعنا نعلم أنّه العشاء الرابع لمنطقة عاليه، لكن لا يوجد لقاء يشبه اللقاء الذي سبقه، ولا يوجد لقاء لاحق سيكون مثل هذا اللقاء، لأنّ القوات اللبنانية في حركة دائمة، وبالتالي نحن جميعًا نتحرّك معًا. لي الشرف والفخر والسرور في كلّ سنة أن نلتقي، لأنّي بصراحة أفتقد لقاء الناس، إذ إنّ التزاماتي لا تسمح لي بأن أكون يوميًا مع الناس، في حين أنّ موضوع عملنا الأساسي هو الناس. ومن هذا المنطلق، أنتظر مناسبات كهذه المناسبة لأراكم وأتحدّث معكم، ولو بكلمات قليلة، ولو بدقيقة أو حتى بثانية، لكي نتمكّن من متابعة عملنا كما يجب. فأهلًا وسهلًا بكم جميعًا”.
وتابع: “لا أريد أن أعود وأكرّر الشكر الذي وجّهه كلّ من طوني بدر ونزيه متّى لجميع الذين يعملون في منطقة عاليه، لكن أقول لكم جميعًا: يعطيكم مئة ألف عافية. وأودّ أن أتوجّه بكلمة خاصة إلى طوني بدر ونزيه متّى، فقد قاما بالعديد من الأمور الجيّدة، لكن أفضل ما قاما به هو أنّهما على ما هما عليه. فأنتم تعلمون أنّه من دون إنسان سليم وصالح لا يمكن أن يقوم مجتمع، ولا يمكن لقضية أن تنتصر، ولا يمكن لأناس غير صالحين أن يؤدّوا إلى انتصار قضية. أمّا الناس الصالحون، فإن لم يؤدّوا اليوم كل شيء فيكملون الأداء غدًا، أو بعد أسبوع أو بعد شهر أو بعد سنة، لكنّ الأهم هو أن نبدأ بأناس صالحين. إنّ الحسنة الأساسية لدى طوني بدر ونزيه متّى هي أنّهما كما هما، كما هما فعلًا. يعطيكم العافية يا شباب”. وقال: “لا تنسوا أن نصفي الآخر، أي النصف الأجمل، هو من منطقة عاليه، وتحديدًا من رشميا، فتحيّاتي لأهالي رشميا ولكلّ بلدات وقرى منطقة عاليه”.
وأشار جعجع إلى أنّ “الحاضرين في هذه القاعة فضلهم أكبر بكثير من غيرهم. أنتم تعرفون ما قيل مرارًا في القراءات: “طوبى لمن آمن ولم ير”. فالذين هم اليوم مع القوات، أو الذين يأتون إلى القوات، أو الذين يدورون حول القوات، لا يمكنني أن أُنكر فضلهم، ولكنّه محدود نسبيا بالمقارنة مع فضلكم، باعتبار أنّ الجميع بات يعرف اليوم أنّ القوات هي الطرف الأكبر والأقوى، وبالتالي المستقبل لها على الأقل. لكن أنتم تحديدًا، وغالبيّة هذه الوجوه التي كنت أراها في كلّ عشاء، وكنت أراها في أيّام السوء، وفي الأيّام السود، بل وحتى في أيّام “تحت الأرض”، لكم حقًّا الطوبى لأنّكم آمنتم قبل أن تروا. فشكرًا لكم مئة ألف مرّة، ولنُكمل على هذا النحو”.
ولفت إلى أننا “بفضل عملنا جميعًا معًا، أنتم ورفاقكم من الجنوب إلى الشمال وفي مناطق لبنان كلها، قد اجتزنا قسمًا كبيرًا من طريق نضالنا. وأقول بكلّ موضوعية إنّنا تجاوزنا أكثر من نصف الطريق، وإنّ النصف الذي اجتزناه هو الأصعب، أمّا ما تبقّى، وهو نصف الطريق أو أقلّ، فهو الأسهل. ومن هذا المنطلق، علينا أن نرصّ صفوفنا أكثر فأكثر لكي نُكمله ونصل إلى الوطن الذي نريد”.
وقال: “لا نعمل من أجل أمور صغيرة أو محدودة، لا من أجل عدد من النواب صعودًا أو نزولًا، ولا من أجل عدد من الوزراء صعودًا أو نزولًا، أبدًا، ولا في أيّ لحظة. ومن يفكّر بهذه الطريقة يكون مخطئًا، ولن يستطيع أن يفهم في أيّ لحظة إلى أين يمكن أن نصل أو كيف نفكّر. أتذكّر تمامًا حين سيطر السوريون بالكامل على البلد، كيف قال الجميع: انتهى الأمر، هذا زمن السوري في لبنان، وعلى الناس أن تساير الواقع. وفي أوّل حكومة تشكّلت، والتي ضمّت ما كانوا يسمّونه آنذاك “الميليشيات”، أعطوا كلّ “ميليشيا” وزيرًا، أمّا نحن فأعطونا وزيرين، بهدف ترغيبنا أكثر بالدخول إلى الحكومة، لكنّنا لم ندخل، ولم ندخل، ولم ندخل، لأنّ هذه ليست حساباتنا، لا في الماضي ولا في الحاضر، ولن تكون في أيّ وقت. حساباتنا مختلفة تمامًا، لأنّ لدينا مشروعًا”.
وأضاف: “لا تظنّوا أنّ هذا العدد من الناس مجتمِع تحت راية القوات صدفة. قد يظنّ البعض أنّ ما يجمع هؤلاء هو علم القوات، نعم هو علم القوات، لكن لأنّه يمثّل شيئًا محدّدًا، يمثّل مشروعًا معيّنًا. نحن في أذهاننا مشروع واضح، وكلّ ما يؤدّي إلى نجاح هذا المشروع وتحقيقه نعمل عليه، وكلّ ما لا يؤدّي إلى نجاحه وتحقيقه لا نعمل عليه. وبالتالي، ما يجمعنا هو هذا المشروع بالذات. أنتم منذ زمن تؤمنون بهذا المشروع، بشكل مباشر أو غير مباشر، سرًّا أو علنًا، بحسب الظروف. لذلك، يعطيكم مئة ألف عافية، ولنُكمل لكي نُنجز النصف الثاني المتبقّي من مشروعنا، فالأيّام المقبلة أمامنا وليست خلفنا”.
وختم جعجع كلمته بالقول: “طالما أنتم موجودون، وهذا ليس كلامًا فقط، وقد أثبتت الأيام ذلك، وطالما نحن على هذه العزيمة، وبهذا الإيمان، وبهذا التصميم، وبهذا الالتزام، فلن يكون هناك خطر على لبنان. يعطيكم مئة ألف عافية، وكلّ عيد وأنتم بألف خير”.




